الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

ماهية الفروض العلمية



ماهية الفروض العلمية

    تعرف الفروض لغويًا على أنـها تفسير محتمل وضع على أساس أدلة محدودة كنقطة انطلاق لتقص لاحق. (The New Oxford American Dictionary, 2001)  أو على أنـها فكرة مقترحة كتفسير لشىء ما ولكنها لم تثبت كحقيقة بعد.   (Longman Dictionary of American English, 1997) وقـد عرف (Itakura, 1968) الفروض العلمية على أنـها نوع من الافتراض وهى كلمة تتكون من مقطعين: hypo- وتعنى تحت، -thesis وتعنى الافتراض وقد أشار فى كتابه إلى (Wilhelm Ostwald, 1853-1932)  الذى قسم الافتراضات إلى ثلاثة أنواع كالآتى:
1-   الخيال Fiction: غامضة المحتوى ويصعب التحقق منها.
2-   الفروض Hypothese: واضحة المحتـوى ويمكن التحقق منها ولكن ليس فى الحال.
3-   الافتراض المبدئى Protothese: يسهل التحقق منه فى الحال.

    ولمصطلح فرض علمى عدة تعريفات ويجدر بنا سردها لنقترب من فهم معنى الفرض العلمى وهى كالتالى:
·      عرف (Moore, 2001)  الفروض العلمية على أنـها فروض استقرائية وهى تخمين يستند إلى الملاحظة، وتساؤل عن التفسير الذى قد يبدو مناسبًا للحقيقة؟ وهذا التفسير المؤقت يمكن أن يكون أصليًا أو مستعاًر.
·      وقد عرف (Yip, 2001)  الفروض العلمية على أنـها تفسير مؤقت مقترح من حساب بعض الملاحظات المحددة، وهو ليس تخمينًا متعلمًا يستند إلى الملاحظات المجمعة ولكن فرض الفروض العلمية يتطلب خلفية علمية كأحـد عناصر التخميـن، وليس كل التخمينـات المتعلمة فروضًا علمية.
·      وعرف (Filson, 2001)  الفروض العلمية على أنـها علاقة مقترحة تقبل الاختبار، أو مفهوم علمى يحتاج إلى تأييد، وعلى الوجه الآخر نظرية تقترب من الاتساع.
·      وعرف (Saito, 1999)   الفروض العلمية على أنـها تستخدم عامة كفرضية مؤقتة فى المقدمة المنطقية للاستدلال (للاستنتاج) من أجل تفسير العديد من الظواهر الطبيعية واستنباط القوانين العلمية، ثم استنباط افتراضات جديدة عن طريق الاستدلال الاستنباطى، وذلك حتى يمكن التأكد من الحقيقة عن طريق الملاحظة والتجريب.
·      وعرف (Dice, 1998)  الفروض العلمية على أنـها تفسير مؤقت لحدث ملاحظ، وهى ليست تنبؤًا، ولكنها تسمح لك بالتنبؤ الذى يمكن اختباره بالتجارب، وعندما تقبل نتائج هذه التجارب وفقًا للتنبؤ فإنـها تعيرنا تدعيمًا للفرض المقترح كتفسير مقبول، والذى يمكن قبوله أحيانا كنظرية، ولكن إذا جاءت نتائج التجارب عكس التنبؤ فإنه يجب تعديل الفرض العلمى أو إبداله بتفسير أفضل، ولا يمكن أن نقول إن هذه الجملة تعبر عن فرض حتى تقترح هذه الجملة سببًا لأثر معين إلا إذا كانت تحتمل الخطأ.
·      وعرف (Dye, 1996)  الفروض العلمية على أنك عندما تتم البحث عن الخلفية المعرفية لموضوع ما، وعندما تنتهى من سؤال المتخصصين عنه، وعند الانتهاء من إجراء بحث الإنترنت والبحث فى المكتبة عنه، فماذا بعد؟ فإنه استنادًا إلى ما تعلمته فإنك سوف تضع تخمينًا عن المخرج المحتمل لمشروعك هذا.
·      وعرف (Harris, 1996)  الفرض العلمى على أنه افتراض عام عن شىء من مصدر معين، وهو افتراض عملى من خلال قدرتك على اختباره عن طريق الخبرة.
·      وعرف (Marano, 1995)  الفرض العلمى على أنه سؤال يشكل فى صيغة يمكن اختباره بالتجربة.
·      وعرفه (Itakura, 1968) على أنه إما أن تجعل الفهم الخاطئ أو الموضوع غير الواضح بصورة كاملة أكثر وضوحاً، أو تقدم بعض التفسيرات لمجموعة من الحقائق التى تعرفها بالفعل ومن ذلك تستنبط نظرية أو قانونًا، و عندئذ تحتـاج إلى التحقـق من هذه التفسيرات عن طريـق أداء تجارب جديدة.

    ومما سبق يمكن القول أن الفروض العلمية بصورة عامة هى: تخمين استقرائى تم فرضه لتصحيح مفهوم خاطئ، أو للتحقق من الحقائق العلمية، أو لاستنباط قانون طبيعى من ظواهر طبيعية متصارعة، وأنه ربما يكون أصليًا أو مستعارًا، ويجب أن يستند على ملاحظة دقيقة وجمع من المعلومات، ويجب أن يكون قابلاً للاختبار عن طريق التجريب العلمى.

     ويمكن تلخيص تعريفات الفروض العلمية فى الآتى:
·      تخمين استقرائى ليدعم حقيقة علمية، ويمكن أن يكون أصليًا أو مستعارًا.
·      تفسير مؤقت أو تخمين متعلـم يعتمد على الخلفيـة المعرفيـة والملاحظـة المتخصصة.
·      علاقة مقترحة تقبل الاختبار، أو مفهوم علمى يحتاج إلى تأييد، أو نظرية تحتاج إلى الاتساع.
·      فرضية مؤقتة فى المقدمة المنطقية للاستدلال (للاستنتاج) لتفسير العديد من الظواهر الطبيعية واستنباط القوانين العلمية.
·    تفسير مؤقت يقترح سببًا لأثر ما.
·    فرض متعلم يعتمد على ما تعلمته من خلال البحث.
·    افتراض عملى يمكن اختباره بواسطة الخبرة.
·    إجابة عن سؤال ويجب أن تدعم هذه الإجابة بنتائج تجربة ما.
·  جعل الفهم الخاطىء أو الموضوع غير الواضح بصورة كاملة أكثر وضوحًا، أو تقديم بعض التفسيرات لمجموعة من الحقائق  التى نعرفها بالفعل، أو استنباط نظرية أو قانون، والتحقق من هذه التفسيرات عن طريق أداء تجارب جديدة.

خصائص الفروض العلمية

     يمكن تلخيص خصائص الفروض العلمية فى الخصائص التالية فينبغى أن:
·   تعتمد على الملاحظة الدقيقة.
·   تعتمد على جمع المعلومات.
·   تعتمد على الخلفية المعرفية لموضوع ما.
·   تعتمد على كل من الاستدلال الاستقرائى والاستنباطى.
·   تكون قابلة للاختبار ويمكن التعامل معها والبحث فى موضوعها.
·   تتبع بتجربة أو مجموعة من التجارب.
·   أصلية أو مستعارة.
·  تعدل أو تحل محلها تفسيرات أخرى فى حالة عدم التحقق من صحتها.

طرق استخلاص الفروض العلمية

     يمكن استخلاص الفروض العلمية وتكوينها بطرق التفكير الاستقرائى أو الاستنباطى اعتمادًا على خمسة عمليات كما وضحها (Ijiri,1913) فى أنه هناك خمس أنواع من الفروض يمكن استخلاصها بخمس عمليات كالآتى:
1-    الفروض المعتمدة على الحدس.
2-    الفروض المعتمدة على الملاحظة.
3-    الفروض المعتمدة على التجريب.
4-    الفروض المعتمدة على الخبرة.
5-    الفروض المعتمدة على النظرية.
والعمليات من الأولى للرابعة تعتمد على طرق التفكير الاستقرائى أما العملية الخامسة فهى تعتمد على طريقة التفكير الاستنباطى.

     وهناك طرق أخرى ممكنة لاستخلاص الفروض العلمية كما قام بتحليلها (Harris,1996) عن طريق بعض نماذج من دراسة الحالة فى تاريخ العلم فقد أكد على نوع من الفروض يسمى الفروض المعتمدة على الاستنباط الرياضى، وهى مثبتة فى أعمال كوبرنيكس Copernicus وجاليليو Galileo ونيوتن Newton  عندما حاولوا تفسير حركة الكواكب the planetary motion.

أنواع الفروض العلمية

     درس كل من (Last & Kelly, 1998)  الأنواع المختلفة من الفروض  وتوصلوا إلى أنـها كالآتى:
·  فروض ذاتية غير موضوعية تعتمد على التخمين الحدسى.
·  فروض تجريبية تعتمد على الملاحظة.
·  فروض نظرية تعتمد على الفرص المتساوية للحدوث.

     وعامة يمكننا تقسيم الفروض تبعا لطريقتين: الطريقة السقراطية، والطريقة العلمية. فكما أشار  (Dye,1996)إلى أن الطريقة السقراطية تقترح فيها الفروض إجابة مقبولة (تعريفًا أو تعريفات) ما خلال استنباط بعض الفرضيات المبدئية المفاهيمية القابلة للاختبار. أما فى الطريقة العلمية فإن الفروض تقترح إجابة مقبولة (نظرية) من خلال استنباط بعض الفرضيات المبدئية التجريبية.

الفروض العاملة، البديلة، الفرعية
  Working, Alternative, Auxiliary Hypotheses

     هناك نوع مهم من الفروض العلمية يسمى الفروض العاملة، وقد يسمى بالفروض البديلة أو الفرعية فى بعض المراجع والبحوث. وهذا النوع من الفروض يلعب دورًا مهمًا فى التحقق من الفروض العلمية. وقد وضح (Itakura,1968)  أنه هناك نوعان من الفروض: الفروض، والفروض العاملة. والفروض العاملة هى فكرة تسعى لتقديم تفسير مركز لسلسلة من تكرارات لظاهرة طبيعية ما معروفة فى تاريخ العلم ونظرياته. والفروض العاملة فكرة تستخدم لتضع تجربة أو نظرية ما فى المقدمة.

     وذكر (Kuhn, 1970)  أن العلماء لا يميلون لرفض فرض ما فى الحال ولكنهم يحاولون معاملة الفرض كفرض عامل حتى يمكن تعديله للاستفادة من البيانات غير المؤكدة.  وتوضح (Koslowski 1996)  أنه عندما يتقابل فرض عامل مع بيانات غير ملائمة فإنه غالبًا ما تعامل البيانات كبيانات مضللة ونقوم بتعديل الفرض وذلك أفضل من تجنبه تمامًا.  والقرار عن ما إذا كنا نقوم بتعديل الفرض أو نـهمله تماماًً غالبًا ما يتأثر باعتقادنا حول الآلية التى أدت إلى جعل البيانات مضللة. وتعتمد هذه العملية أيضا على عدة عوامل فمنها من له علاقة بالتفسيرات نفسها مثل طبيعة وكمية الأدلة التى تدعمها، والتى تمتد إلى التأثير الأنفعالى للفرد والتزامه نحوها. وعلى الرغم من أن القرار بتعديل الفرض فضلاً عن إهماله تماما يعتمد على تركيب البيانات المضللة نفسها وعلى النظرية التى يمتلكها الفرد عن كيفية جعل تركيب البيانات أكثر أو أقل صعوبة لتنويع التفسيرات وتطويع غير المعلوم منها.

التعريف الإجرائى للفروض العلمية

     هى تخمين استقرائى يتم فرضه لتصحيح مفهوم خاطئ، أو للتحقق من الحقائق العلمية، أو لاستنباط قانون طبيعى من ظواهر طبيعية متصارعة، وأنه ربما يكون أصليًا أو مستعارًا، ويجب أن يستند على ملاحظة دقيقة، وجمع من المعلومات، ويجب أن يكون قابلاً للاختبار عن طريق التجريب العلمى.

التعريف الإجرائى لعملية الفروض العلمية

     هى مجموعة متتابعة من الأداءات العقلية التى تشير إلى القدرة على التعامل مع الفروض العلمية عند مواجهة ظاهرة محيرة أو مشكلة علمية والتى تتضمن ثلاث قدرات رئيسة هى: القدرة على فرض الفروض العلمية، والقدرة على تقويم الفروض العلمية، والقدرة على اختبار الفروض العلمية.


التعريف الإجرائى للفرض العامل (البديل)

     هو تفسير استنباطى قابل للاختبار مستنبط من المترتبات المنطقية للفرض العلمى الأولى والذى يمكن أن يثبت صحته عن طريق المزيد من التجارب والملاحظات اللاحقة.

عملية التعلم واستدلال الفروض العلمية

     عملية فرض الفروض العلمية تتحد بحدود قدرات الطفل العقلية تبعًا لمراحل نموه العقلى. فمن الممكن أن يتعامل الطفل الصغير فى مرحلة العمليات الحسية مع الفروض ولكن ليس بنفس الجودة فى التفكير التى تحدث فى مرحلة العمليات الشكلية، فمن عمر أحد عشر عامًا أو اثنى عشر عامًا إلى عمر المراهقة.

     وقد أكد  (Tolman, 2002)على أن الطفل فى مرحلة العمليات الشكلية عنده القدرة على تطبيق العمليات المنطقية لحل جميع أنواع المشكلات الحسية والمجردة والتى يتمكن من حلها عن طريق القدرة على استخدام التفكير الافتراضى الاستنباطى، كما أن الطفل يكون عنده القدرة على جمع وتنظيم البيانات، وتكوين الفروض والتفكير بمنطقية.

     كما أشار(Arthur and Joel, 2001)  أنه فى مرحلة العمليات الشكلية يمكن أن يقوم الطفل بالتفكير عند مستويات عالية عن المعرفة التى تم بناؤها فى مستوى سابق لديه، كما أن لديه القدرة على تكوين الفروض، ويمكنه القيام بالاستقصاء والبحث بصورة مستقلة، ولديه القدرة على ربط الأدلة بالنظريات بصورة متناغمة، ولديه القدرة على التعامل مع النسب والتقديرات والاحتمالات، كما أن لديه القدرة على بناء وفهم العلاقات المعقدة بما فيها سلسة المنطق الاستنباطى.

     وقد أكد (Abruscato, 2000)  فى استشهاده بنظرية بياجيه للنمو المعرفى  فيما يخص أن الطفل فى مرحلة العمليات الشكلية عنده القدرة على التفكير المجرد، وعنده القدرة على عزل العوامل والمتغيرات فى موقف ما، وعنده القدرة على فهم العلاقات بين متغير وآخر.

     وعن الأشكال التى يتم فيها تكوين الفروض العلمية ذكر (Filson,2001) أنه عندما يتم تكوين الفروض فإنـها تتكون فى أحد ثلاثة أشكال ضرورية لتقديم تفسيرات للحقائق والمفاهيم والقوانين والنظريات العلمية. ومن أوسع الأشكال انتشارًا للفروض العلمية شكل السؤال، وشكل الجملة الشرطية، والشكل الثالث يوصف على أنه فرض شكلى يحتوى على متغيرين أحدهما مستقل والآخر تابع، وفى الفرض الشكلى نقرر علاقة مؤقتة بين المتغيرات. ولهذا الفرض الشكلى قيمة عالية لأنه يدفعنا إلى التفكير فى البحث عن النتيجة المتوقعة من التجربة العملية. وعلى الوجه الآخر يذكر (Arthur and Joel, 2001) أن الأطفال فى المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة يمكن أن يكونوا الفروض العلمية فى صيغة تحتاج منهم إجراء بحث منظم وتحتاج منهم تعلم الملاحظة والقياس والتصنيف وأداء الاختبارات.

     ويمكن تكوين الفروض العلمية بواسطة طرق متنوعة مثل: الحساب الرياضى البسيط، عملية التعداد البسيط، النقد الهندسى، الاستنباط الرياضى، الاستقراء، الاستنباط. والقاعدة الأساسية أنه مهما كانت العملية التى تكون منها الفرض فإنه لابد وأن نتمكن من اختباره.

     ويذكر (Ijiri,1913)  أن تكوين الفروض يبدأ بطريقة غير موضوعية فى معظم الأحوال ثم يصبح موضوعى بواسطة الملاحظة والتجارب، وهناك ثلاثة مجالات رئيسة تتحكم فى الفرد الذى يكون الفروض العلمية وهى: الحساسية، والفهم، والمعرفة بالسبب. وحساسية الفرد تعتمد على حواس جسمه النشط وعقله وخبرته. أما الفهم والمعرفة فإنـها تعتمد على قدرة الفرد على صنع الحكم والتجريد والتمثيل على الشىء الملاحظ. وهناك مشكلة تعترى الفرد الذى يكون الفروض بحساسية نشطة لأنه يواجه مشكلة عدم القدرة على تغيير فكره وإيجاد فروض جديدة مغايرة لما توصل إليه، ولكنه قد يتخطى هذه العقبة عن طريق الاستمرار فى ملاحظة العالم من حوله والبحث عن الأفكار العلمية والوعى المجتمعى لـها.

     ويتضح الآن أنه وفى معظم الأحيان يتم تكوين الفروض كما وأنـها صحيحة ومطابقة للتفسير فى كل التفاصيل. ويعمد التلاميذ إلى فرض الفروض بـهذه الطريقة وعادة ما يكونون متحيزين لفروضهم بشدة، كما أن هذه الطريقة فى تكوين الفروض تتحكم فى كيفية التعامل معها لاحقًا. وقد أكد (Kuhn et al, 1988) على أنه عندما يضع التلاميذ الفروض ويقوموا باختبارها فالفرض يكون لديهم عبارة عن سؤال وضع بدقة مما يؤثر على طريقة تعاملهم معه. وتذكر  (Koslowski,1996)  أنه عامة عندما يضع الفرد فرضًا ما بدقة فإنه يكون لديهم رد فعل لما يلى:
·      عندما يجدون بيانات غير مؤكدة فإنـهم يميلون لإهمال الفرض فى الحال أو تعديله وتغييره إلى فرض عامل فى محاولة لتعديل النظرية أفضل من رفضها تماما.
·      عندما تقترح البيانات عوامل جديدة تلعب دورًا، ولكن لم توضع من قبل فى الاعتبار لديهم عند وضع الفرض الأصلى، فإنـهم يحاولون إيجاد تفصيلات وزيادات للفرض العامل.
·      عندما يفترضون ويختبرون مجموعة من الفروض المعينة وفى كل مرة يثبت عدم صحة الفرض لأنه فى كل مرة لا يتأكد لديهم التحقق منه، فإنـهم يتحركون لوضع فروض جديدة مختلفة.

     وفى حالة العلماء فإنـهم يعمدون إلى أن يدعموا بعض الفروض أكثر من غيرها عندما يرغبون فى التأكد أو يقومون بعدم تأكيد أى منهم بـهذه الطريقة. وتذكر (Koslowski, 1996)  أن العلماء يسعون لإثبات فرض ما وإذا كانوا مهرة فإنـهم يسعون للأخذ فى الاعتبار مجموعة من الفروض البديلة المقبولة من أجل إظهار أن الفرض الصحيـح هو أحد هذه البدائـل أكثر من الفرض الأصلى فى إظهـار أفضـل النتائج.

     والطريقة التى توضع بـها الفروض تعتمد على أحد الطرق الثلاث التالية:
1-   الطريقة الاستقرائية: استخلاص الصفات من عدد محدد من الأشياء التى تنتمى إلى مجموعة واحدة.
2-   الطريقة الاستحواذية: تكوين الفروض بطريقة إبداعية من معلومات بسيطة قليلة.
3-   الطريقة المتناظرة: اختيار الشىء الذى يصبح الهدف المباشر فى البحث والأشياء المحتملة التى تعرف كمصاحبات مقارنة.

     وإن اختيارنا لأحد العناصر السابقة ليكون الطريقة المختارة لوضع الفروض العلمية يعتمد على نوعية العناصر المتاحة لدينا فى الحدث الملاحظ والذى يتحكم فيه طبيعة الشىء المتحرى عنه، وكمية الخبرة والخلفية المعرفية والمعلومات التى نملكها عنه. ويضيف (Harris,1996)  أن دور الاستقراء فى عملية تكوين الفروض العلمية يتمثل فى أنه الأداة الوحيدة التى تسمح بالاستدلال مما نعرفه بصورة عملية إلى ما لا نعرفه بصورة عملية. كما أن الاستقراء شرط ضرورى للقدرة على التنبؤ بالأحداث المستقبلية استنادًا على خلفية من الخبرات والقواعد السابقة من أجل تحقيق تفسيرات مقبولة من مجموعة من الحالات المختبرة والتى يمكن استنتاجها رياضيًا أو عمليًا.  أما الاستنباط فيأتى دوره فى مرحلة اختبار الفروض ويحدث عن طريق استنباط فروض جديدة من الفروض الأصلية المبدئية والتى يمكن اختبارها عمليًا. وهذا يرجع إلى دور الملاحظة والتى تسهل عملية الاستنباط من الظاهرة. ويعتبر كل من عملية الاستنباط من المنطق الشكلى التقليدى والمعاصر، وعملية التعميم الاستقرائى من الملاحظة الجزئية عملية منطقية واحدة تتكون من الاستنباط مع تقارب من الأدلة العملية فى طريق علمى من أجل تأسيس وبناء النظريات الجديدة من النظريات الأولية.

     وفى دراسة1995) Klein,  ( التى قام فيها باختبار كيفية تفكير التلاميذ فى المرحلة الابتدائية أثناء القيام بالتجارب العملية وتقديم الدليل العلمى، قام بدراسة خمسة أنواع من العمليات المعرفية التى تتطلب كل من: فهم الاستدلال الفورى، وفهم الاستدلال السببـى وغير السببـى ، وفهم الدليل السببـى وغير السببـى ، وفهم الدليل النقدى وغير النقدى فى اختبار الفروض، وفهم الدليل النقدى وغير النقدى فى مهمة الاتصال المرجعى. وقد توصلت الدراسة إلى أن التلاميذ ينمون نحو التجريب المخطط وأن العلاقة بين الخطة والإجراءات تنمو من مستوى إلى آخر، كما أن عملية التجريب تتأثر بما لديهم من نظريات فهى فى مرحلة التجريب تؤثر على الخطة الموضوعة أما فى مرحلة النتائج فهى تؤثر على مستوى النقد وتسهل عدم قبول النتائج غير المدعمة لفروضهم، كما أنـها تسمح لهم بالتحقق من ملاحظاتـهم التى تدعم نوعًا من الاستدلال الجزئى.


     ودراسة(Park, 2006)  الذى قام فيها بدراسة إمكانية تكوين التلاميذ للفروض العلمية من خلال توجيه أسئلة لمعرفة الخلفية العلمية لدى التلاميذ فى موضوع الكهرومغناطيسية، ثم تقديم الموقف المشكل من خلال أنشطة استكشافية، وسؤال التلاميذ لتقديم فروض علمية لتفسير الظاهرة. وقد توصل الباحث إلى أن التلاميذ يكونون ثلاثة أنواع من الفروض العلمية وهى الفروض النظرية والتجريبية والبديلة، وأن التلاميذ يستخدمون الخلفية المعرفية المتوفرة لديهم ليربطوها بالظاهرة ومنها يستخلصون الفروض التى يفسرون بـها هذه الظاهرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق