الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

عملية الفروض العلمية فى إطار طرق التدريس ودورها فى تعلم العلوم



     ترتبط عملية الفروض العلمية بطرق تدريس العلوم ارتباطًا وثيقًا، ويسبق عملية الفروض العلمية عدة عمليات عقلية ومعرفية كما يتبعها أيضًا العديد من العمليات. وطرق التدريس التى تناولت الطريقة العلمية فى التفكير لابد أن تكون عملية الفروض العلمية هى إحدى خطواتـها الرئيسة مثل: طريقة حل المشكلات، وطريقة الاستقصاء، وطريقة الاكتشاف. وقد تم تقديم العديد من النماذج التدريسية من قبل الباحثين التربويين فى إطار هذه الطرق التى تلتزم بالطريقة العلمية فى التفكير وتسعى لتنمية التفكير العلمى والإبداعى على حد سواء.

         أولاً: عملية الفروض العلمية فى إطار طريقة حل المشكلات

     تعتمد طريقة حل المشكلات على الطريقة العلمية فى التفكير، والطريقة العلمية عبارة عن طريقة منظمة لدراسة الظواهر الطبيعية، وحل العديد من المشكلات العلمية، وهى تتكون من العمليات العقلية التالية:
·      تحديد المشكلة.
·      جمع البيانات المتاحة حول المشكلة.
·      فرض الفروض العلمية.
·      إجراء التجارب العلمية.
·      تحليل البيانات والمعلومات الجديدة.
·      تكرار الخطوة الثالثة والخامسة إذا أمكن.
·      تقرير نظرية علمية أو نتائج علمية.
        
     ويوضح (Hamayasu, 1999)  أن حل المشكلات يبدأ بسؤال عن ظاهرة تواجه المتعلم، ومنه يحاول فهم المشكلة التى تواجهه ووضع تصور وتحديد لجميع أبعادها، ومنها ينتقل لمحاولة حل المشكلة عن طريق وضع مخطط لحل المشكلة بطريقة ما ثم يطبق هذا المخطط، وعند الانتهاء من الخطة يقوم المتعلم بالوصول لحل ما، ولكنه لا يقبله مباشرة بل يعمل على تقييم النتائج تقيمًا ذاتيًا مع أخذ آراء الآخرين حول ما توصل إليه من نتائج حتى يتمكن من الوصول لثبات على الرأى فيما يخص الحل المقترح وقبوله باطمئنان. 

     ومن النماذج التى توضح طريقة حل المشكلات فى مجال تدريس العلوم بصورة كلاسيكية ما استخدمه (Shiota & et al, 1999)  وفيها تحدد خطوات حل المشكلات فى البداية بالشعور بالمشكلة وإدراكها عقليًا، ثم جمع المعلومات عن المشكلة، ثم فرض الفروض العلمية، ثم التخطيط لطرق اختبار الفروض الموضوعة، ثم إجراء تجربة أو عدة تجارب علمية، ثم استخلاص وترتيب نتائج التجارب للوصول لحل المشكلة ثم تطبيق النتائج فى مواقف أخرى.

     ومن هنا نجد أن طريقة حل المشكلات هى تطبيق لعمليات العلم والتى تتضمن: الملاحظة، والاستدلال، والتصنيف، والقياس، والتنبؤ، والاتصال، واستخدام علاقات الزمان والمكان، وفرض الفروض العلمية، وتحديد المتغيرات والتحكم فيها، وإجراء التجارب العلمية.
     وتعتبر عملية الفروض العلمية فى طريقة حل المشكلات خطوة أساسية قبل القيام بإجراء أى تجربة علمية، أو تقديم أى معلومات جديدة عن ظاهرة معينة تحت الدراسة وذلك لأننا لابد أن نقوم بدراسة المعلومات المتاحة لدينا عن المشكلة قبل إجراء التجارب العلمية حتى نتمكن من الوصول للتصميم الذى يؤدى إلى نتائج قد تكون حلاً للمشكلة، أو نتائج قد تؤدى لفرض فروض جديدة تبعا للبيانات الجديدة التى تكونت من أجل الوصول للمفهوم أو التعميم، أو النظرية العلمية التى تفسر ظاهرة ما تمثل مشكلة محيرة لدى الدارسين.

     وفى إطار طريقة حل المشكلات ظهرت نماذج تدريسية تستخدم عمليات الطريقة العلمية ومن هذه النماذج نموذج (Saito,1999) والذى وضح خطوات حل المشكلات فى أربع خطوات رئيسة تتضمن العديد من الخطوات الفرعية كما يلى:
·      الخطوة الأولى: إيجاد المشكلة
   وفى هذه الخطوة يقوم التلاميذ بملاحظة الظاهرة موضع الدراسة ومحاولة
   إيجاد مشكلة للدراسة ثم تحديد أسباب المشكلة.
·      الخطوة الثانية: التحليل
   ويتم فى هذه الخطوة تحليل الظاهرة موضع الدراسة.
·      الخطوة الثالثة: فرض الفروض العلمية
  ويتم فى هذه الخطوة التوصل لفروض علمية تقبل الاختبار.
·      الخطوة الرابعة: التجريب والتحقق من الفروض العلمية
    وفى هذه الخطوة يتم اختبار الفروض، ووضع خطة للتحقق من صحتها، وتطبيق هذه الخطة، والتأكد من صحة الفرض المختبر.
        
     ويوضح (Saito,1999)  فى نموذجه لحل المشكلات أن عملية فرض الفروض العلمية تأتى بعد عمليتين رئيسيتين وعدة من العمليات الفرعية التى تتضمن ملاحظة ظاهرة ما بدقة، وإيجاد المشكلة وتحديدها، واقتراح أسباب للمشكلة وتحليل الظاهرة، ويتم بعدها فرض الفروض العلمية. كما أن عملية التخطيط لاختبار الفروض فى الخطوة الرابعة يتصل بعملية تحليل الظاهرة فى الخطوة الثانية. وتكون نتائج التجربة هى المحدد لقبول الفرض أو رفضه وفى حالة رفضه فإننا نعود للخطوة الثالثة لنقوم بفرض فرضا جديد وفقًا للنتائج والمعلومات المتاحة من إجراء التجارب.

     كما يوضح Saito, 1999))  أن عملية فرض الفروض العلمية فى أغلب الأحيان تتم بصورة استقرائية من ملاحظة ظاهرة ما بشرط أن تتفق الظاهرة موضع الدراسة مع أحد النظريات العلمية السابقة. كما يشير Saito (1999)  إلى أن عملية فرض الفروض تحتاج إلى فهم كاف للحقائق الملاحظة فى الظاهرة موضع الدراسة.


ثانيًا: عملية الفروض العلمية فى إطار طريقة الاستقصاء

     طريقة الاستقصاء هى أحد الطرق التدريسية المهمة التى تعتمد على الطريقة العلمية فى التفكير وتؤدى لتنميتهـا عند التلاميـذ، ووفقًـا للمعايير القوميـة الأمريكية للتربيـة العلميـة التى وضعهـا المركز القومى للبحـوث عام 1996 (National Research Council,1996)  فيما يخص هذه الطريقة فإن تحديد عملية الاستقصاء التى يقوم بـها العلماء والتى يجب نقلها متطابقة ليقوم بـها التلاميذ تتم فى حلقة متصلة من العمليات العقلية وتكون كالآتى:
·      وضع سؤال بسيط عن العالم الطبيعى.
·      وضع خطة للاستقصاء.
·      استخدام طريقة مناسبة فى جمع الأدلة.
·      تنظيم وتحليل وتفسير البيانات.
·      التفكير نقديًا ومنطقيًا عن العلاقات بين الأدلة والتفسيرات.
·      استخدام الأدلة الملاحظة والمعرفة والمعلومات العلمية الحالية لبناء وتقييم بعض التفسيرات البديلة.
·      الربط بين الاستقصاء والملاحظة والتفسيرات مع ظواهر وأسئلة جديدة.

     وفى هذه الحلقة تستمر عملية الاستقصاء لكشف أسرار العالم الطبيعى وتفسير الظواهر الطبيعية بطريقة علمية مستمرة. ويؤكد (Arthur and Joel, 2001)  على عمليات العلم التى سبق ذكرها وهى الملاحظة، والاستدلال، والتصنيف، والقياس، والتنبؤ، والاتصال، واستخدام علاقات الزمان والمكان، وفرض الفروض العلمية، وتحديد المتغيرات والتحكم فيها، وإجراء التجارب العلمية، لأنـها أساس عملية الاستقصاء ومتضمنة فيها، وتعد عملية الفروض العلمية نشاط أساسى فى عملية الاستقصاء مع اعتبار أن الفروض لابد وأن تقترح الدليل الذى يدعمها والدليل الذى لا يدعمها. أما عن العمليات العقلية التى تتضمنها عملية الاستقصاء فقد وضحها (Yunoki, 1999) فى الخطوات التالية:
·      الخطوة الأولى: الإستحواذ (من الحقيقة إلى النظرية)
وفيها يقابل المتعلم الظاهرة المحيرة، ويفكر فى تفسير لحل هذه  الظاهرة، يقوم بفرض فروض علمية  لتفسير الظاهرة.
·      الخطوة الثانية: الاستنباط
وفيها يقوم المتعلم بالتحقق من الفروض العلمية، وتحليل الفروض منطقياً، ثم استنباط النتائج.
·      الخطوة الثالثة: الاستقراء (من النظرية إلى الحقيقة)
ويتم فيها عملية الاستقراء حيث يتم مراجعة النتائج، والحكم على الفروض العلمية، وحذف الفروض غير الصحيحة وقبول الفروض الصحيحة.

     ويدعم هذه العمليات السابقة (Moore, 2001)  فى أن الاستقصاء يتكون من مراحل كالآتى:
·      تكوين فرض استقرائى، وهو تخمين قائم على الملاحظة.
·      اختبـار الفرض للحصـول على دليـل إما أن يكون مع أو ضـد الفرض المقترح.
·      استخدام طريقة تحليلية للكشف عن المترتبات المحتملة للفرض المقترح.
·      استخلاص النتيجة بدقة ونشر الفرض الصحيح.

     كما أكد (Metz, 1998) على أن عملية الاستقصاء تحدث عندما يمر التلاميذ بالمراحل التالية: إصدار التلاميذ لأسئلة تؤدى إلى أن يقوم التلاميذ بالتخطيط للبحث عن إجابتها بأنفسهم والقيام باستنتاج وجمع البيانات حتى يصلوا إلى تطوير وتحسين النظرية التى توصلوا إليها.

ثالثاً: عملية الفروض العلمية فى إطار طريقة الاكتشاف

     دورة تعلم الاكتشاف كما أوضحها (Abruscato, 2000) والتى صدرت عن اتحاد معلمى العلوم القومية بالولايات المتحدة الأمريكية تتكون من ثلاث عمليات رئيسة: وهى الاستكشاف، ثم اكتساب المفاهيم، ثم تطبيق المفاهيم. أما عن عملية الفروض العلمية أثناء عملية الاكتشاف فهى تبدأ بتقديم موقف يتطلب الملاحظة والاستنتاج، وهذا يتفق مع أهمية الملاحظة والاستنتاج فى عملية تكوين الفرض العلمى كأساس لـها. كما يمكن  أن يتم تعميم فرض علمى من استنتاج قائم على الملاحظة واستنادًا على الملاحظة فإن التلاميذ يمكن أن تقترح أسئلة تحتاج إلى إجابات، واستنادًا على هذه الأسئلة يمكن أن تقوم التلاميذ بفرض الفروض العلمية عن الشىء الملاحظ. وعندها تبدأ التجربة بتحديد للعوامل التى تحتاج إلى تحكم، ثم وضع تعريفات إجرائية عملية لها، ثم بناء الاختبار، وتنفيذه ومنه يتم جمع وتفسير البيانات التى تؤدى فى بعض الأحيان إلى تعديل الفروض المقترحة سابقًا.
 
     وبالنظر إلى الطرق التدريسية السابقة: حل المشكلات، والاستقصاء، والاكتشاف نجد أنـها تتصل اتصالاً وثيقًا بالطريقة العلمية فى التفكير وعمليات العلم. ولعله اتضح الآن ماهية الطريقة العلمية والتى تبدأ بتحديد مشكلة ما، ثم جمع البيانات عنها، ثم فرض الفروض العلمية، ثم إجراء التجارب اللازمة، ويتم تكرار خطوة فرض الفروض تبعًا لنتائج التجربة التى قد لا تدعم الفروض المقترحة أولاً ثم وضع النتيجة والنظرية.

     أما عمليات العلم الأساسية فهى: الملاحظة، واستخدام علاقات المكان والزمان، واستخدام الأرقام، والتصنيف، والقياس، والاتصال، والتنبؤ، والاستنتاج. وعمليات العلم التكاملية وهى: جمع المتغيرات، وتفسير البيانات، وفرض الفروض، ووضع التعريفات الإجرائية، والتجريب.

     ومما سبق نجد أن التلاميذ فى حاجة إلى القدرة على فرض الفروض العلمية ليتمكنوا من أداء الطريقة العلمية عن طريق استخدامهم لعمليات العلم.


رابعاً: عملية الفروض العلمية فى إطار النشاط التجريبى المعملى

     النشاط المعملى هو نشاط تعليمى مخطط له يشرف عليه المعلم ويشمل كلا من العروض العملية وتجارب المعمل. والعروض العملية يقوم بـها المعلم بمفرده أو بالاشتراك مع التلاميذ بقصد توضيح فكرة أو قانون ما، بينما تجارب المعمل يقوم فيها التلاميذ بالعمل فرادى أو فى مجموعات صغيرة على مختلف المشكلات ويقومون بإجراء التجارب بأنفسهم، حيث يصبح المعمل مكانًا يتناول فيه التلاميذ الأسئلة والفروض حيث يجرى عليها الاختبارات اللازمة بـهدف التوصل إلى نتائج ثم الخروج منها بتعليمات دقيقة على المواقف المماثلة. (صابر سليم، إيزيس رضوان، 1991)

     ويسهم النشاط المعملى فى تحقيق الكثير من أهداف التربية العلمية حيث يزود المتعلم بمعلومات واقعية، ويكسبه العديد من المهارات العقلية واليدوية، كما يكسبه العديد من الاتجاهات العلمية بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للمتعلم لتنمية ميوله العلمية. (صبرى الدمراش، 1987)

     ويؤكد ذلك أيضا أن نشاط المعمل يسهم فى تحقيق الوظائف الآتية:
·      الحصول على معلومات جديدة.
·      اكتشاف العلاقة بين الأسباب والنتائج.
·      تدريب التلاميذ على بعض المهارات العملية فى القياس والوزن.
·      تدريب التلاميذ على الملاحظة الدقيقة.
·      تدريب التلاميذ على المهارات الأساسية فى أسلوب حل المشكلات.
·      تطبيق القواعد والمعلومات التى سبق دراستها فى مواقف جديدة.
·      فهم لطبيعـة العلم ودور التجريب فى الكشف عن الحقائـق والتأكـد من صحتها.
·      إكساب التلاميذ الاتجاهات والميول العلمية وتذوق العلم وتقدير دور العلماء.    (أحمد خيرى كاظم، سعد يسى، 1977)       

     كما يذكر (أحمد عبد الجود 1982) أن الحاجة إلى المعمل تتمثل فى:
·      الحاجة إلى الخبرة بالأجهزة والأدوات .
·      الحاجة إلى التعلم عن طريق الأداء والعمل.
·      الحاجة إلى إضفاء معنى على المبادئ والتطبيقات.
·      الحاجة إلى التفكير الناقد والتفكير الثاقب.
·      الحاجة إلى المبادرة والبراعة والتعاون.
·      الحاجة إلى مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين.
·      الحاجة إلى التنوع والمتعة.
   
     كما يذكر  ,1984) (Magin أن التجريب المعملى Laboratory Experimentation   يسهم فى ظهور التفكير الناقد وتنمية الثقة لدى الطلاب.

     وتختلف النظرة إلى الدراسة المعملية وفقا للغرض المرجو منها ويذكر (صبرى الدمرداش 1987) أن النظرة إلى الدراسة المعملية تختلف باختلاف الغرض المرجو منها فهى إما تدريب  Trainingأو تنقيب Heuristing، والفرق الجوهرى بين النظرتين يكمن أساسًا فى كم المعلومات المعطاة للتلاميذ وكيفيتها, ففى النظرة الأولى (التدريبية) يذكر لهم ما سوف يرونه والنتيجة المفروض أن يصلوا إليها, بينما فى النظرة الثانية (التنقيبية) لا يعرف التلاميذ نتائج العمل مسبقًا بل وربما طريقته أيضا.
     ويرى علماء التربية أن النظرة الأولى تعكس الوظيفة التوضيحية للمعمل Illustrative Function بينما تعكس النظرة الثانية الوظيفة الاستقصائية الاسكتشافية للمعمل Investigative function. وفى هذا المجال يعنينا بالدرجة الأولى استخدام النشاط المعملى فى تنمية التفكير العلمى والإبداعى، لذا يتحتم علينا أن نلتزم بالطريقة التى تربط بين الأداءات المعملية وبين قدرات هذا النوع من التفكير والتى نسعى إلى تنميتها لدى التلاميذ.

     وبالنظر إلى الطبيعة العقلية لتلاميذ المرحلة الاعدادية (المرحلة العمرية التى تمثل بداية المراهقة) نجد أنه وكما ذكر (فؤاد البهى، 1968) أن تفكير المراهق يتأثر بالبيئة تأثرًا يحفزه إلى تناول ألوان مختلفة من الاستدلال وحل المشكلات حتى يستطيع الفرد أن يكيف نفسه تكيفًا صحيحًا لبيئة معقدة متشابكة متطورة مع نموه، كما أشار إلى نتائج بعض الدراسات التى أوضحت أن ميل المراهق فى حل مشاكله العملية والعقلية يدنو نحو فرض الفروض المختلفة وإلى تحليل الموقف تحليلاً منطقيًا متسقًا، كما يصطبغ الاستدلال لدى الفرد فى هذه المرحلة بالصبغة الاستنباطية. ويعنى ذلك أن إثارة التفكير لدى التلاميذ يكون من خلال إثارة المشكلات التى يهتم بـها التلاميذ، مع السماح لهم بالحرية والمرونة فى اكتشاف حل هذه المشكلات من خلال المرور بخطوات حل المشكلات. ويأخذنا ذلك إلى تحديد نمط ووظيفة الدراسة المعملية التى نرغب فى استخدامها وبالتأكيد سيكون نمط الدراسة التنقيبية Heuristing والذى يرتبط بالوظيفة الاستقصائيـة الاستكشافية للمعمل Investigative Function لأن هذا النمط يتيح حرية أكبر أمام التلاميذ للعمل والتفكير.

     ويذكر بياجيه أن الميل إلى العمل والنشاط إذا ما أضيف إلى الاستعدادات العقلية, فإن ذلك الميل يمكن أن ينتج منه موهبة عالية بإنجازات أكبر قيمة، كما أن حب العمل يمكن أن يحرك الاستعدادات الموجودة ويطورها. كما يذكر (محمد صابر سليم، وإيزيس رضوان، 1991)  أن النشاط المعملى عبارة عن نشاط تعليمى مخطط له يشرف عليه المعلم، ويقوم هذا النشاط على أساس التجريب العلمى الدقيق ويتطلب ذلك أن تكون التجارب التى يقوم بـها التلاميذ فى المعمل من النوع الذى يتيح لهم الحرية فى تخطيطها والقيام بالعمل والتوصل إلى النتائج بأنفسهم وتكون الاستعانة بإرشادات المعلم أو كراسة العمل فى أضيق الحدود.

     وترتبط الوظيفة الاستقصائية الاسكتشافية للنشاط المعملى بالطريقة العلمية للبحث والتى تتضمن حل المشكلة وهى كالتالى:
1-   إثارة المشكلة.
2-   تحديد المشكلة بدقة ووضوح.
3-   دراسة المشكلة واقتراح الفروض لحلها.
4-   اختيار الفروض المناسبة.
5-   اختبار صحة الفروض المقترح لحل المشكلة.
6-   الوصول إلى حل المشكلة.
7-   التعميم من النتائج واستخدام التعميمات فى تفسير مواقف جديدة.
        
     وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك العديد من الدراسات التى أجريت فى مجال الكشف عن فعالية أسلوب حل المشكلات فى تنمية القدرات العقلية الإبداعية وقدرات التفكير العلمى.

     كما يذكر  (Woods,  1986)أن استخدام أسلوب حل المشكلات يتوقع منه أن ينمى القدرة الإبداعية ويذكر (أحمد عبد الجواد، 1982) أن فى استطاعة المعمل إعلاء منـزلة ومكانة حل المشكلات إذا ما كانت المصادر متوفرة وإذا قابلت رغبات وحاجات الطلاب.

     ومن هنا فإن تضمين أسلوب حل المشكلات فى العمل المعملى يعد من الإجراءات المهمة لتنمية التفكير. وأقصد بالتضمين هنا أن يكون العمل أساسًا من خلال مشكلة تتضمن فى جزء منها اكتشاف أو عمل معملى يساعد فى اختبار الفروض كمرحلة من مراحل حل المشكلة.

     ولنقوم بتحديد دقيق لشكل النشاط المعملى الذى نرغب فى تحقيقه لتنمية التفكير العلمى والإبداعى لدى التلاميذ فإن علينا أن ندرس الأساليب المختلفة للتدريس بالنشاط المعملى أولاً، وهى أساليب عديدة ونذكر منها الآتى:
1- التدريس العملى المعملى:
     ويتضمن التجريب المعملى إجراءات عملية أو سلسلة من الاختبارات التى تجرى لكى تكتشف قاعدة غير واضحة أو مبدأ يبرهن إيجابًا أو سلبًا على نقطة نوعية معينة، كما أنـها تتضمن دراسة تجريبية لها صلة بالخبرة السابقة أو تبنى على هذه الخبرة، وهذا النوع من التدريس يمكن أن يقوم فيه المدرس بإجراء التجربة أمام التلاميذ، أو قد يشاركون المجموعة فى جانب أو أكثر من جوانب التجربة.
2- التدريس باستخدام التجارب التوضيحية:
     وفى الغالب يؤدى المعلم بعض التجارب التوضيحية أمام تلاميذ الفصل ليفيدهم منها فى عرض المشكلة أو وضع أسئلة لدروس قادمة.

3- معمل الاسكتشاف:
     وينقسم العمل المعملى فيه إلى ثلاث مراحل:
·      ما قبل المعمل : الفروض، والطرائق والمواد.
·      المعمل : التجارب، والنتائج.
·      ما بعد المعمل : مناقشة، وخلاصة ونتيجة ختامية.
وجوهر معمل الاسكتشاف هو أن يواجه الطلاب مشكلات متدرجة فى ترتيبـها وفق قدارتـهم وهم يهتمـون بإيجـاد الحلول لـها بطريقـة مشابـهة لخطوات حل المشكلة.

     وهناك أيضا العديد من الاستراتيجيات النوعية المتضمنة فى تدريس العلوم والتى يمكن تحقيقها من خلال العمل المعملى وهذه الاستراتيجيات النوعية مثل:     
·      استراتيحية الأحداث المتباينة.
·      استراتيجية دراسة الحالات.
·      استراتيجية إلقاء الأسئلة المفتوحة.
·      استراتيجية معالجة المشاهدات والملاحظات.
·      استراتيجية التعريف بحفظ السجلات.
·      استراتيجية المناقشة الفردية بين الطلاب.
·      استراتيجية التفاعل الاجتماعى.
·      استراتيجية تحليل أوجه الاطراد والبحث.

     وقد أجربت العديد من البحوث والدراسات بـهدف الكشف عن جوانب الطريقة المعملية وفعاليتها فى تحقيق أهداف تدريس العلوم فى مختلف المراحل التعليمية ومن هذه الدراسات دراسة (Minorsky, et al,1999)  الذى قام بدراسة قدرة التلاميذ على إجراء عمليات اختبار الفروض العلمية، والتصميم تجريبـى، وتحليل البيانات من خلال دراسة أحد النباتات فى النظام البيئى من خلال نشاط معملى وتقديم مفاهيم علمية عن وظائف النبات فى البيئة وطريقة تكاثره.
     كما قام (عبادة الخولى، 1994) ببحث أثر استخدام أسلوب الاكتشاف الموجه فى التدريس على اكتساب المهارات العلمية المتضمنة فى وحدتى الالكتروستاتيكية والدائرة الكهربائية لدى تلاميذ الصف الأول الثانوى الصناعى، وكذلك أثر استخدامه على إكساب مهارات التفكير العلمى، وبحث أثر استخدام التجارب المعملية فى التدريس على إكساب المهارات العملية المتضمنة فى الوحدة وعلى إكساب مهارات التفكير العلمى. وقد تمثلت عينة الدراسة فى مجموعة ضابطة من 40 طالبًا ومجموعة تجريبية أولى من 40 طالبًا ومجموعة تجريبية ثانية من 40 طالبًا من طلاب الصف الأول الثانوى. كما أشارت نتائج البحث إلى عدم وجود فروقًا دالة بين المجموعة التى درست بطريقة الاكتشاف الموجه والمجموعة التى درست بطريقة التجارب المعملية فى تنمية المهارات العملية. بينما توجد بينهما فروقًا فى تنمية مهارات التفكير العلمى لصالح المجموعة التى درست بطريقة الاكتشاف الموجه، كما أنه توجد فروقًا بين كل من الطريقتين التجربيتين والطريقة التقليدية فى أداء المهارات العملية وفى اختبار التفكير العلمى بأقسامه المختلفة لصالح المجموعتين التجريبيتين. وعن أثر تفاعل طريقتى التدريس (المعملية والتقليدية وأسلوب التعلم على اكتساب مهارات التفكير العلمى فى مادة الفيزياء لدى طلاب المرحلة الثانوية)

     وقام (وليد كمال، 1993) بقياس تحصيل الطلاب لمهارات التفكير العلمى والكشف عن دور الفروق الفردية فى أساليب التعلم فى اكتساب مهارات التفكير العلمى والكشف عن أثر استخدام طريقتين مختلفتين لتدريس الفيزياء فى اكتساب مهارات التفكير العلمى والكشف عن أثر تفاعل أسلوب التعلم وطريقة التدريس على اكتساب مهارات التفكير العلمى. وقد تمثلت عينة الدراسة فى 78 طالبًا من طلاب الصف الثانى الثانوى بمحافظة القليوبية. كما جاءت نتائج البحث لتوضح تفوق مجموعة الطلاب ذوى الأسلوب العميق عن مجموعة الطلاب ذوى الأسلوب السطحى للتعلم فى مهارات التفكير العلمى، كما أوضح البحث وجود فروق دالة بين المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة فى مهارات التفكير العلمى (الاستنتاج والتفسير) لصالح المجموعة التجريبية بينما لا توجد فروق بينهما فى مهارات التفكير العلمى (تحديد المشكلة، وفرض الفروض، والتجريب والدرجة الكلية) ويقرر البحث أن الطريقة المعمليـة تصلـح لذوى التعلم العميـق بينما تصلـح الطريقة التقليديـة لذوى التعلـم السطحى.

     وعن تأثير استخدام العروض العملية الاستقصائية على التحصيل الدراسى وتنمية عمليات العلم والاتجاهات العلمية لدى طلاب الصف الثانى الإعدادى قام (إبراهيم غازى، 1992) بالكشف عن أثر استخدام العروض العملية الاستقصائية فى تدريس "وحدة استثمار الإنسان للطاقة" على تنمية بعض عمليات العلم وبعض الاتجاهات العلمية والتحصيل الدراسى لدى تلاميذ الصف الثانى الإعدادى وقد تمثلت عينة البحث فى (215 تلميذًا مجموعة تجريبية،220 تلميذًا مجموعة ضابطة) كما أشارت نتائج البحث إلى تفوق العروض العملية الاستقصائية فى تحقيق التحصيل الدراسى ككل وفى تنمية القدرة على الفهم والتطبيق وغير مؤثر فى تنمية القدرة على التذكر كما تؤثر الطريقة فى تنمية عمليات العلم ومتمثلة فى الملاحظة, وضبط المتغيرات, التفسير والاستنتاج, والتنبؤ وأنـها غير مؤثرة فى تنمية القدرة على التصميم التجريبـى لدى التلاميذ، كما تؤثر الطريقة فى تنمية اتجاهات حب الاستطلاع والموضوعية والتروى فى إصدار الأحكام بينما هى غير مؤثرة فى تنمية الأمانة العلمية وسعة الأفق مقارنة بالطريقة التقليدية.

     وأكدت دراسة (Odunmi et al,1991) أن النشاط المعملى يزيد من تحصيل التلاميذ بنفس المقدار الذى تحققه الطريقة التقليدية، ولكنه يزيد منها فى ارتفاع مستوى أداء التلاميذ ذوى المستويات المنخفضة من التحصيل وذلك بعكس الطريقة التقليدية.  أما عن أثر الاكتشاف الموجه والتجارب المعملية فى تنمية المهارات العملية ومهارات التفكير العلمى لدى تلاميذ الصف الأول الصناعى.

     وفى دراسة مقارنة بين طريقتى العروض العملية والمعملية لتنمية المهارات الأمانية فى الكيمياء لدى طلاب دور المعلمين،  قامت (ليلى عبد الحميد، 1990) ببحث مدى فعالية كل من طريقتى العروض العملية والمعملية فى تنمية المهارات العملية والأمانية فى الكيمياء لدى طلاب الصف الثانى بدور المعلمين. كما درست الفروق بين الطريقتين فيما يتعلق بتنمية المهارات العملية والأمانية. وقد تمثلت العينة فى 30 طالبة من طالبات الصف الثانى بدور المعلمات. كما أشارت نتائج البحث إلى عدم وجود فروق دالة بين الطريقتين فيما يتعلق بتنمية المهارات العملية والأمانية فى الكيمياء لطلاب دور المعلمين. وفى دراسة للكشف عن أثر استخدام أساليب مختلفة للدراسة المعملية فى العلوم الزراعية على التحصيل الدراسى والمهارات المعملية لدى طلاب المدرسة الثانوية الزراعية. كما قام (محمد رجب، 1988) بدراسة أثر استخدام الأساليب الثلاثة الآتية: ( العرض العملى من قبل المدرس، ثم قيام التلاميذ بتطبيق التجارب بأنفسهم وهم يعرفون النتائج مسبقًا، وقيام التلاميذ بتطبيق التجارب بأنفسهم دون معرفة النتائج مسبقًا)  فى التدريس داخل معمل المدرسة الثانوية الزراعية على تحصيل التلاميذ واكتسابهم مهارات الأداء للعمليات المعملية المختلفة ومقارنة ذلك بالطريقة المتبعة حاليًا. وقد تمثلت العينة فى 240 طالبًا وطالبة قسمت إلى 4 مجموعات (3 مجموعات تجريبية ومجموعة ضابطة) من طلاب الصف الثانى الثانوى الزراعى بمدارس طنطا. كما أشارت نتائج البحث إلى تفوق الطرق التجريبية الثلاث على الطريقة التقليدية فى تحقيق التحصيل الدراسى ككل عند مستوى التذكر ومستوى ما فوق التذكر وكذلك فى المهارات المعملية, كما سجل الباحث فروقًا بين الطرق التجريبية الثلاث فى تحقيق التحصيل الدراسى وجاء ترتيب المجموعات حسب أفضليتها تنازليًا كالآتى: المجموعة التى يجرى بـها التلاميذ التجارب بأنفسهم دون معرفة النتائج، ثم المجموعة التى يجرى بـها التلاميذ التجارب بأنفسهم وهم يعرفون النتائج، ثم مجموعة العرض المعملى التى يتبعها تنفيذ التجارب وجاءت المجموعة التى يجرى بـها التلاميذ التجارب بأنفسهم أفضل المجموعات فى مستوى المهارات المعملية.        
        
     وعن تأثير استخدام الطريقة المعملية فى تدريس البيولوجيا على تنمية التفكير العلمى لدى طلاب المدرسة الثانوية قامت (إيزيس رضوان، 1983)  بالتعرف على أثر طريقة التدريس المعملية مقارنة بالطريقة التقليدية فى تدريس البيولوجى على تنمية التفكير العلمى لدى طلاب المرحلة الثانوية. وقد تمثلت عينة البحث فى 81 طالبًا وطالبة كمجموعة تجريبية، و82 طالبًا وطالبة كمجموعة ضابطة من طلاب الصف الثانى الثانوى. كما أشارت نتائج البحث إلى فعالية الطريقة المعملية فى تنمية التفكير العلمى ومهاراته متمثلة فى تحديد المشكلة، وفرض الفروض، واختبار صحة الفروض، والتفسير والتعميم لدى تلاميذ الصف الثانى الثانوى كما كان لها أثر بالغ فى تحسين التحصيل مقارنة بالطريقة التقليدية.

     كما قام (سالم طيبة، 1981) بوضع برنامج للدراسة المعملية فى الفيزياء لطلاب كلية التربية بجامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة. وهدف البحث إلى بناء برنامج للدراسة المعملية يقوم أساسًا على طريقة البحث والاستقصاء لطلاب قسم الفيزياء بالمستوى الأول بكلية التربية جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة وقياس فاعلية البرنامج فى اكتساب الطلاب للمعلومات واكتساب الطلاب للمهارات التى بـها صلة بالنواحى المعملية. وقد تمثلت العينة فى 57 طالبًا من طلاب قسم الفيزياء بالمستوى الأول بكلية التربية. كما أشارت نتائج البحث إلى فعالية البرنامج وفعالية طريقة البحث والاستقصـاء فى إكسـاب الطلاب المعلومـات والمهارات التى لها صلـة بالنواحى المعملية.

     وفى دراسة (صلاح حمامة، 1980) والتى بحثت فى أثر استخدام الطريقة المعملية، والطريقة الاستقرائية الاستقصائية، والطريقة التقليدية فى تدريس مادة علم الأحياء على تحصيل طلاب الصف الثانى الثانوى بمستوياته الثلاثة: المعرفة، والفهم، والتطبيق. وقد تمثلت العينة فى 192 طالبًا وطالبة من طلاب الصف الثانى الثانوى بمدارس مدينة طنطا. وقد أشارت نتائج البحث إلى وجود فروق بين المجموعات الثلاث فى اختبار التحصيل بحيث تأتى الطريقة المعملية فى الصدارة تليها الطريقة الاستقصائية تليها الطريقة التقليدية.
   
     ومما سبق يتضح الأهمية القصوى للنشاط المعملى فى تدريس العلوم، حيث تسهم فى تحقيق الكثير من أهدافه، وتساعد فى تحسين نوعية المخرجات التعليمية، كما أنـها تقدم مجموعة من المهارات والاتجاهات العلمية التى يصعب تقديمها بدون العمل المعملى. وقد أجريت العديد من الدراسات فى هذا المجال.

     كما نجد أن الطريقة المعملية ذات أثر فعال فى زيادة التحصيل الدراسى بمستوياته المختلفة وكذلك فى تنمية المهارات العملية كما تؤثر فى تنمية التفكير العلمى ومهاراته متمثلة فى تحديد المشكلة وفرض الفروض واختبار صحة الفروض والتفسير والتعميم، كما أن لها أثرًا واضحًا فى تنمية عمليات العلم متمثلة فى الملاحظة والضبط والتفسير والاستنتاج والتنبؤ وأيضا لها أثر فعال فى تنمية الاتجاهات العلمية مثل حب الاستطلاع والموضوعية والتروى فى إصدار الأحكام.

     كما أثبتت العديد من البحوث ارتباط مستوى تحصيل الطلاب ومستوى أدائهم للمهارات المعملية بمدى الحرية المتاحة للتلاميذ أثناء العمل المعملى وكذلك الحرية فى ممارسة التجريب والأنشطة المعملية فإنـها من أفضل الأساليب المستخدمة بدون معرفة نتائج العمل مسبقاً ودون مساعدة المدرس إلا فى أضيق الحدود.









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق