الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

عملية الفروض العلمية والتربية العلمية




     لعل دور الفروض العلمية فى تدريس العلوم أصبح واضحًا الآن، وكما ذكر (Filson, 2001) فإن التلاميذ يريدون معرفة كيفية فرض الفروض ببساطة لأن الفروض هى لب التجريب. وذكر (Westbrook, 1994) أن الفروض هى إحدى عناصر التفكير العلمى والذى يتكون من العمليات التالية: تحديد المشكلة، فرض الفروض، اختبار الفروض، التوصل إلى نتائج، التعميم. وبذلك يحتاج التلاميذ إلى أن يفكروا بطريقة علمية ليكون عندهم القدرة على تنمية قدراتـهم فى عالم معقد وليستطيعوا حل مشكلاتـهم الحياتية.

     والمشكلة فى التربية العلمية أنه لا يزال هناك فجوة بين العلم كما يمارسه العلماء وبين العلم كما يمارس فى فصول العلوم. وقد أكد كل من (Schaubler, et al, 1990) &  (Tscirgi, 1980)  إن الاختلاف يكمن فى أن التلاميذ يعملون تجاه الهدف بطريقة ميكانيكية وليس بطريقة علمية. وقد ذكرت(Koslowski, 1996)   أنه بالنظر إلى الأدبيات بدقة نجد أن الأطفال والبالغين يفتقرون إلى العلم، لأن لديهم عدة مشكلات كالآتى:
·    صعوبة تحديد المسببات الممكنة للظواهر.
·   صعوبة الكشف عن الاختـلاف بين الالتزامـات النظريـة وبين الأدلة التى  تدعمهم.
·   السعى لتوليد أدلة محققة مسبقًا عن السعى لاختبار الفروض العلمية.
·   تعمد إهمال الفروض عندما يقابلهم دليل لم يتحقق عملياًً بعد.
·   ندرة القدرة على التعامل مع المتغيرات المتقابلة.
   
     كما سجل (Kuhn et al, 1988)  أن أحد الأسباب التى تجعل من الصعب على الناس أن يميزوا النظرية من الدليل العلمى أن لديهم مشكلات فى اختبار الفروض العلمية، والسبب الآخر أن لديهم صعوبات فى التعامل مع المتغيرات المتقابلة.

     قام العديد من الباحثين بدراسة عملية الفروض العلمية فى مجال التربية العلمية وتوصلوا إلى أن التلاميذ ما زالت قدراتهم ضعيفة فى فرض واختبار الفروض العلمية، ويرجع هذا الضعف إلى العديد من الصعوبات التى يرتبط بعضها بالتلاميذ أنفسهم، ويرتبط البعض الآخر بعوامل البيئة التعليمية نفسها. وقد ذكر (Filson, 2001)  أنه يعتقد أن التلاميذ لديهم صعوبات مع الفروض العلمية بسبب أن كتبهم المدرسية ودروس العلوم تشير إلى الفروض العلمية ونادرًا ما تشرحها أو تصنع لهم نموذجًا، وغالباً ما تختلط الفروض بالنظريات العلمية.

     وقد توصلت مجموعة أخرى من الباحثين الذين قاموا بدراسة قدرات التلاميذ اعتمادا على متطلبات بعض طرق التدريس مثل الاستقصاء والاكتشاف وحل المشكلات، توصلوا إلى أن التلاميذ لديهم بعض القدرات الجيدة وبعض القدرات الضعيفة فى ذلك إلا أنـهم بصورة عامة لا يستطيعون تنمية القدرات الكافية على البحث وحل المشكلات بصورة علمية.

     وبناء على نتائج بحث أجراه (Sodian, et al, 1991) فى مجال البحث والاستقصاء أشاروا إلى أن الطفل عند سن السبع سنوات يفهم الهدف من اختبار الفروض العلمية. وتوصل كل من (Dunbar & klahr, 1989)  إلى أن الأطفال يفهمون عمليات البحث العلمى، وأنـهم يفهمون كيف تكون عملية التفكير العلمى، وأنـهم يدركون أنـهم يجب أن يتحركوا ويلاحظوا سلوك ما ويعملوا تجاه تلخيص جملة ما تضم السلوك فى إطـار عـام. كما أكــد (Dunbar& Klahr, 1989); (Schauble & Glaser, 1990)  أيضا على أن عملية الاستقصاء لدى الطفل عندما تحدث بصورة مستقلة لها العديد من نقاط الضعف، فعلى سبيل المثال عادة ما يصمم الأطفال تجارب لا تدعم نتائج محددة يمكن الثبات عليها. كما أجمع العديد من الباحثين مثل (Dunbar & Klahr, 1989); (Kuhn, et al, 1988); (Metz, 1985); (Schauble & Glaser, 1990)  على أن الدليـل على أن التلاميـذ يعتبرون مجهزيـن لتدعيـم الفروض العلميـة غيـر كـاف باستمـرار. وقد أيـد ذلك (Dunbar& Klahr, 1989); (Kuhn, et al, 1988)  بقولهم إن التلاميذ يتعمدون ألا يرهقوا أذهانـهم بالأدلة غير المؤكدة. كما ذكرت (Koslowski, 1996)  أن الأطفال الصغار لديهم صعوبة فى فهم أن بعض البيانات لا تحوى النتائج. كما أكد (Sodian, Zoitchek and Carey, 1991) على أنه عندما نسأل التلاميذ أن يصمموا تجربة ما لاختبار أحد الفروض وعندما نسألهم تحديد أسباب الظاهرة فإن التلاميذ يسلكون مسلك من يريد أن يكون هدفه أن ينتج ببساطة أو يعيد إنتاج التأثير الناتج عن الفرض أكثر من أن يحاولوا اكتشاف أسبابه.

     وقد أشار (Dunbar & Klahr, 1989) إلى أن الطفل عندما يسعى لتكوين فرضًا علميًا أثناء عملية الاكتشاف العلمى فإنـه يسلك المسلك التالى:
·  يكون أقدر على أن يقترح فروضًا مبهمة غير محددة عن قدرته على فرض فروض محددة كاملة.
·  لا يتنازل عن الإطار الحالى ويبحث فى محيط الفرض من أجل إطار جديد أو يستخدم محيط نتائج التجربة لاستقراء إطار جديد.
·  لا يحاول التأكد من أن فرضه يتوافق مع بيانات سابقة.

     وتبعا لنتائج بحوث أجريت على حل المشكلات من قبل (Hamayasu,1999) فإنه وضح أن الأطفال لم يستطيعوا إنتاج قدرات كافية لحل المشكلات، فعلى سبيل المثال أن التلاميذ فى المدرسة الابتدائية يمكن أن يفهموا الموضوع موضع البحث، ولكنهم ليس لديهم توقعات عن ماهية طرق التجارب التى يمكن أن توصلهم لحل الموضوع، كما أنه من الصعب عليهم  الحكم على الحل بأنفسهم. وفى المدرسة الإعدادية لا نستطيع القول أن التلاميذ لديهم استعداد لحل المشكلات وذلك لأسباب عديدة منها: أن التلاميذ لا يستطيعون تحديد معنى الموضوع المراد بحثه بسرعة، ولا يستطيعون إيجاد طرق البحث، ولا يستطيعون وضع خطة لحل المشكلة من البداية إلى النهاية.

     وبـهذا نجد أن تنمية قدرة التلاميذ على التعامل مع الفروض العلمية سوف ينعكس على تنمية قدرات التلاميذ على التفكير العلمى وحل المشكلات. وسوف يشجع التلاميذ على التعلم الذاتى والتعلم المستمر لأن عملية فرض الفروض العلمية وثيق الصلة بما يأتى:
·   معرفة الظواهر العلمية.
·   العقلية العلمية والنظرة العلمية للطبيعة.
·   الاتجاه الإيجابى نحو العلم.
·   القيام بالملاحظات والتجارب.
·   حل المشكلات العلمية.
·   السعى نحو البحث والاستقصاء والاكتشاف.
·  استخدام عمليات العلم ومهارات التفكير العلمى.

صعوبات التلاميذ مع الفروض العلمية

     يمكن تلخيص الصعوبات التى تواجه التلاميذ عند تكوين الفروض العلمية فى ثلاثة أسباب رئيسة كالتالى:
أولاً: عدم قدرة التلاميذ على فرض فروض قابلة للاختبار، ذلك أن التلاميذ:
·   يعمدون إلى إنتاج أو إعادة الأثر على أن يكتشفوا أسبابه.
·  لديهم مشكلات فى تحديد الأسباب وليس لديهم القدرة على التعامل مع المتغيرات المتقابلة.
·   لا يستطيعون معرفة معنى الموضوع المشكل بسهولة، وليس لديهم القدرة على إيجاد طرق الحل، وليس لديهم تصور عن كيفية حل المشكلة.
ثانياً: عدم قدرة التلاميذ على التمييز بين الحقائق والنظريات العلمية والفروض العلمية، ذلك أن التلاميذ:
·   لديهم صعوبات فى التفرقة بين النظرية والدليل العلمى.
·  ليس لديهم القـدرة على التمييز بين الالتزامـات النظريـة وبين الأدلـة التى تدعهم.

ثالثاً: التلاميذ لديهم صعوبات فى التأكد من الفروض العلمية؛ ذلك لأن التلاميذ:
·  يسعون لتوليد أدلة محققة مسبقًا عن أن يسعوا لاختبار الفروض العلمية، وأنـهم عندما يقابلوا دليلاً لم يتحقق عمليًا بعد يتعمدون إهماله.
·   يصممون تجارب لا تدعم نتائج محددة يمكن الثبات عليها.
·   لديهم صعوبات فى التعامل مع المتغيرات المتقابلة.
·  ليس لديهم توقعات عن ماهيـة طرق التجارب التى يمكن أن توصلهم لحل الموضوع.

الأسباب المحتملة لصعوبات الفروض العلمية عند التلاميذ

     المشكلات السابق ذكرها ربما تتأثر بمجموعة من الأسباب كما يلى:
·  إهمال المعلومات الحسية حيث يعمد التلاميذ إلى أخذ توابع التغيرات وعمل الظواهر الطبيعية بدون التركيز على المعلومات الحسية لهذه الظواهر.
· نقص المعلومات عن الأفكار الصادقة علمياً حيث لا يستطيع التلاميذ التمييز بين الفروض والنظريات والحقائق الصحيحة وغيرها من الأخطاء لأن ليس لديهم المعلومات الصادقة الكافية.
·  نقص المفاهيم عن العوامل والمتغيرات حيث لا يستطيع التلاميذ استخلاص العوامل والمتغيرات المرتبطة بالظاهرة، كما أن لديهم فهم خاطئ للعلاقات بين المتغيرات، وليس لديهم القدرة على اكتشاف الطريقة الصحيحة للتحكم بـها.
· المفاهيم الخاطئة حيث إن التلاميذ لديهم العديد من المفاهيم الخاطئة عن النظريات والمبادئ والمفاهيم العلمية.
· نقص التقويم الذاتى حيث يعمد التلاميذ إلى إهمال البيانات غير المتوافقة معهم واختيار البيانات التى تؤيد فروضهم المقترحة بداية.

·  نقص القدرة على تفسير الموضوع المشكل بأنفسهم مما يؤدى إلى عجزهم عن الأداء عند حل المشكلات. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق