الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

النموذج المعرفى لعملية الفروض العلمية وآلية تكوين الفروض العلمية


أولاً: النموذج المعرفى لعملية الفروض العلمية فى إطار عملية التعلم

    وبعد توضيح عملية الفروض العلمية تفصيليًا  يمكننا الآن وضع نموذج معرفى يوضح القدرات العقلية الأساسية اللازمة لعملية الفروض العلمية فى إطار عملية التعلم التى يقوم بـها الفرد.

    حيث تبدأ عملية الفروض العلمية فى إطار عملية التعلم من خلال مواجهة الفرد لظاهرة غير معروفة أو محيرة له، أو مقابلة نظرية مثيرة للتفكير أو أفكار متصارعة عن مفهوم ما. ويحاول الفرد هنا أن يستجمع كل الخلفية العلمية التى لديه فى مجال الظاهرة المحيرة وجميع المشاهدات والملاحظات التى قد تكون صادفته فى هذا المجال من مخزون الخبرة لديه. وفى هذا الموقف هناك احتمالان: إما أن تكون المعلومات الخبراتية كافية لديه لتساعده على عملية الاستقراء واستدلال الفرض الأولى، أو تكون غير كافية فيحتاج عندها لمزيد من البحث وإجراء الملاحظات المفيدة الدقيقة، وجمع المعلومات والبيانات فيما يخص الظاهرة موضع الدراسة، وسؤال المتخصصين فى هذا المجال، لزيادة المعلومات الأساسية اللازمة لعملية الاستقراء وتكوين الفروض العلمية.

    ونعود لحالة الخبرة الكافية والخلفية العلمية المؤهلة لتكوين فرض أولى والذى يتم من خلاله تحديد المتغيرات والعوامل والمترتبات المحتملة عن الظاهرة موضع الدراسة، وهذا يؤدى بالفرد إلى إجراء عملية استنباط مجموعة من الفروض العاملة من هذه العوامل والمترتبات التى يستخدمها الفرد لإجراء الاختبارات اللازمة للتحقق من هذه الفروض عن طريق الملاحظة والتجريب ومنها يتوصل إلى النتائج وتفسير الظاهرة. وهنا نقترح النموذج المعرفى (شكل 1) التالى الذى يتألف من ثلاث مراحل كالآتى:
1-   مرحلة التكوين: القدرة على استقراء البيانات والملاحظات لتكوين الفرض الأولى كتفسير مؤقت للظـاهرة موضـع التساؤل نتيجة التعرض لمشكلـة محيرة.
2-   مرحلةالتقويم: القدرة على استنباط فروض عاملة (بديلة) من دراسة الفرض الأولى وما يتعلق به من عوامل ومتغيرات تتعلق بالظاهرة كمحاولة لوضع المترتبات الناشئة عن الفرض الأولى فى الاعتبار، ثم تقييم مجوعة الفروض العاملة لاختيار الصالح منها للاختبار بصورة عملية.
3-   مرحلة الاختبار: القدرة على استنتاج تفسير للظاهرة عن طريق التحقق من الفروض للوصول إلى النتائج والوصول إلى الفرض النهائى عن طريق أحد العمليات العلمية التالية: الملاحظة، والبحث، والتجريب.

    ووفقًا للنموذج المعرفى لعملية الفروض العلمية فى إطار عملية التعلم الذى تم توضيحه سابقًا والذى يتضمن عمليات الاستدلال الاستقرائى والاستنباطى، فإن عملية تكوين الفروض العلمية تعتمد على درجة الصراع والاختلاف الموجودة فى النظرية القديمة تبعًا للملاحظات الجديدة للظاهرة أو للمشكلة موضع الدراسة. وتعتمد أيضًا على مقدار الخبرة التى لدى الفرد، وعلى كم القواعد والخلفية العلمية التى يمتلكها، وعلى مقدار الأحداث التى تمت ملاحظتها والتى تستخدم كقاعدة لإنتاج تعميمات عملية. وعملية تقويم الفروض تبدأ فور إنتاج الفرض الأولى وتتبع بعملية إعادة استنتاج واستنباط من الظاهرة مما يساعد فى وضع مجموعة من الفروض العاملة البديلة والتى يمكن اختبارهـا عمليًا بالملاحظة والتجريب، وبناء على نتائج التجـارب والملاحظات يمكن استنتاج الفرض المقبـول لتفسير الظـاهرة، أو حل المشكلـة، أو الإجابة عن التساؤلات.

    



خطوات آلية تكوين الفروض العلمية

    من هنا يمكن القول أن عملية فرض الفروض العلمية تبدأ بمواجهة وملاحظة فكرة أو موضوع محير مرتبط بظاهرة طبيعية مدهشة لدى الفرد والتى تدفع به لوضع سؤال عن الموضوع المحير وهذا السؤال بالطبع يدفعه للبحث عن إجابة. ويعتبر هذا السؤال مشكلة تحتاج إلى حل، وحل هذه المشكلة سوف يدعم ويقترح ويثبت حقيقة علمية، أو مفهوم علمى، أو قانون علمى، أو نظرية علمية تضاف كخبرة جديدة فى البناء المعرفى لدى المتعلم الذى قام بحل هذه المشكلة.

    وكما هو موضح فى شكل (2) أن عملية الفروض العلمية تبدأ معرفيًا ببساطة بمواجهة مشكلة تدفعنا لوضع تفسير مؤقت كفرض أولى للحل الذى يتم استقراؤه كأنسب التفسيرات الممكنة للموضوع المحير. ووفقًا للبيانات التى نجمعها عن الموضوع نحدد مجموعة من العوامل والمتغيرات التى لـها ارتباط وثيق بالموضوع المحير. كما نعمد إلى استنباط مجموعة من الفروض البديلة ثم نقوم بتقييمها لاختيار الفروض القابلة للاختبار. وتكون الخطوة التالية اختبار الفروض العاملة تباعًا عن طريق التجريب أو الملاحظة وتبعًا للنتائج المسجلة من الملاحظات أو التجارب سوف يأتى القرار بكيفية التعامل مع الفرض المختبر. فى حالة عدم التحقق من تدعيم النتائج للفرض نـهمله ونختبر الفرض الذى يليه، وفى حالة عدم وضوح النتائج نقوم بالمزيد من التجارب حتى تتضح النتائج إما مدعمة أو غير مدعمة، أما فى حالة التحقق من تدعيم النتائج للفرض فسوف نقوم بقبـول الفرض كحـل للمشكلة وكتفسير للظاهـرة. والشكل التالى (شكل 2) يوضح الآلية التى تتم بـها هذه العمليات.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق